ام كلثوم وسنوات الجهود الحربي

كريم جمال

محاولة البحث عن وجه آخر لأم كلثوم، وجه مالي عن معظم ملامحه منذ وفاتها في منتصفها، والتدقيق عن خفايا سيرتها الموازية؛ تلك السيرة الوطنية التي تصنعها في التجمع الشعبي للاستفادة منها من أهرامات المواطنة الوطنية. لكنها طوال سنوات حياتها، تلعب دور أم كلثوم أدورًا في تاريخنا الحديث، واختلفت وتنوعت صور وجودها بما في ذلك لفترة طويلة، ولكن بعد عام 1967 وبعد أن تشربت أم كلثوم دموع النكسة، تبّستها روحٌ فتية متخمة بالأمل قائدة على قهر المحنة، وزاد على طغيان حضورها لفترة طويلة صوتهم في تاريخ العروبة وجود ثلاثة ووطني، إذ تقدمت أم كلثوم المشهد الفني، وجندت سلاحها وهو صوتها، ليبرز وجودها في ساحة المعركة كرمز لإرادة مصرية الجسورة التي أبت أن تحطمها الهزيمة، ونموذج الفنان الذي لم تكسره الشِدة ولم تسكت له، أو ربما كصورة جديدة للإلهة المصرية «إيزيس» التي بُعثت هذه المرة من تحت ركام المعركة لتدرك حدودها الأخرى بقدر حجم المأساة، فهبت واقفة وراء المجهود الحربي تجوب الكرة الأرضية من مشرقها إلى مغربيها، في بحث للبعثة إلى «أوزوريس للبحث عن ذلك صوت المتعدد». في الشعب الذي منحها هالات القدسية والعصمة، ترددها إلى مصاف أنبياء الوطن وأبطال السِير الشعبية.
.