البكاؤون

اسم المؤلف : عقيل الموسوي

جاكسون به بغريزتها الأنثوية، يجيء ويروح بين المكتبة وقاعة الدرس، لمحة في نظراته هيامًا، أفكار جاتسبي نفسها التي لها إلى حبيبته ديزي في رواية «جاتسبي العظيم». عرفت أنه عربي، وتخيلته سليل سلاطين غابرين، والثلمة في ثنيته العُليا توحي بسوابق في الشقاوة. تعمدت الضحك بداية منه لإثارة اهتمامه، وتوقف ليقول شيئًا ما، ثم تراجع عنه لسانه. استمتعتْ بأمره كتسلية، ولما عجزت عن أن تعلن التوليفة، تضغط بالضيق، بضعة بالمهانة، وتخبت في هواجسها، بل حقت عليه، حتى أنها تبدو في طريقة لإذلالاله.

***

ليست رواية تاريخيّة، بل ربما كانت ضدّ التاريخ، ومع هذا فهي، تنهض في التاريخ، في تاريخ تراجيديٍّ بعيدٍ صارت حدثًا يوم لفرط حضوره، روايةٌ تتعانق فيها تراجيديا الدم وفوران الدّمع في المآقي مع الحب الرومانسي الجارف، وتتناسل مشاهدها من قلب المنامة القديمة، ومن ذاكرتها الغنيّة بكل شيء، ومن سيرة أهلها وأحلامهم وإحباطهم وصراعاتهم. إنها رواية مكتنزة بشخصيات متنوعة وتعرف أنك تعرفهم فردًا فردًا لمقاومة حقيقة هذه النهضة، واخترت بالتفاصيل الاجتماعية والسياسية والطقوسية، ومهمومةٌ جميلة مجتمع تقليد جدًّا، لكنها ينفجر فجأة على وقع ثورة دينية تندلع في الجوار. إنه يمتد الزمن في الرواية جيئةً وذهابًا بين الماضي والحاضر، بين السياسة والمجتمع، بين الطقس والحب، لينسج محصول ثلاثة أجيال متنافرة من الأفكار والأفكار والاتجاهات، أجيال تختلف في كل شيء، ولا يوحدها سوى البكاء ومع الجريان السريع.

***