فقير

اسم المؤلف : دوستويفسكي

ترجمة : سامي الدروبي

إن لم يكن لدينا التي هي في هذا العمل الذي هو أوّل أعمال دوستويفسكي، سنقع عليها في أعماله الأخرى. إنها وجوه “الفقراء” وأشكال عيشهم. فنشاركهم عذابهم بقدر ما ندرك ما تخنزنه تلك النفوس من قدرة الحب والتضحية

في هذه الرواية سنتلمَّس الأغوار التيار التي ستنفذ إلى دوستويفسكي، والأعماق الميتافيزيقية التي ستذهب إليها كاميراته في الغوص عميقاً في شدة الإشعاع الإنساني، ولا سيما في تصوير حياة المؤلف والمهمشين والدخول إلى عوالمهم النفسية التي ستدور حولها معظم رواياته. فالبطان في هذه الرواية مضطهدان معذبان مذّلان مهانان، يوقع فيهما الأشرار كل أنواع الظلم، ويتحملان من الفقر ما لا يُطاق. فيت نتنياهو ماكار الذلل والجوع ويضحي بكل ما يمكن أن يحصل عليه، وهو قليل جدًا، في سبيل الفتاة المسكينة التي لا يكادها، ولا ييجرؤ على زيارتها مخافة النمائم. إنه يرتضي للحرمان من أجل إسعادها فيرسل إليها الصغيرة المتحمسة للهدايا والجوع والذلال. بسبب المرض الذي يعاني منه ماكار ديفوشكين يكشف دوستويفسكي عن كل الفقر الذي يحيط به، وعندما يهم الرجل أن يشكو ويذمر من العذاب الذي يقاسيه الخيرون في هذا العالم، ولا يعود ليتراجع عن بولي والتذمر، مسلّمًا بالواقع، مذعنة لمشيئة القدر، همه فقط أن يسعد غيره بسذاجة يتحمل ببساطتها روحاً إنساناً غريباً.