مقام الكلام

اسم المؤلف : بسمة عبد العزيز

من عَجَبٍ أن تشاءَ الظروفُ أن أكتُب في اللغةِ؛ ولم كُن من قبل على خريطةِ كتاباتي المنتظِمَة، وأن أداومَ على عمودٍ أسبوعيّ ثابتٍ وفعالٍ؛ مَدفوعةً بشَغف البحثِ وراء الكلماتِ التي تدعم ما نتداولها دون إيغالٍ في التفكير، مُقتفية استخداماتها على صعود مُختلفة ما بين لاتخاذٍ واجتماعٍ فن، مَهمومةً بإيجاد العلاقاتِ بعدِ وبعد وتفاصيل الحياة اليومية، مُستكشِفة صورَ إعادة إنتاجها في حواراتِنا العادي؛ لكي لا ترغب في إدخال المقالات التي انخرطت فيها باستمتاع إلى نصوص تبدو مُضجِرة، أو خطابات لا تجدها مُتلقين.
لا مَفرَّ من الاعتراف باللغة العربية تواجِه تشناتٍ مُتكررة بالصعوبة والتعقيد، لأن ثراءَها أمسى مَبعثَ إلا إقبال، وسُخرية لا مُفاخرة، ومن هنا يأتي هذا الكتابُ في محاولة متواضِعة لتبديلِ الصُّورةِ القاتمة جامعًا بين ضفتَيْه فصولًا مما كتَبت على مَدارِ السنوات، مُنقَّحة ومزيدة، كلٌّ منها مُعنوَن. بكلمة واحدة دالّة؛ فمن غَضب إلى سَتر، ومن عَبَث إلى بَقاء، ومن هوان إلى مُقاومة وسخط وفضلة، وقد سَعيتُ عبر هذه الصفحات إلى تقريب المعاني، ومُشاركة من وَجد في نفسِه هوى وولعًا في مساحةٍ للأمُّل الهادئ؛ لا تخلو عن أسطُرها من شَغبٍ وناوشة.